سنتعرف في هذا المقال لماذا مخدر الكريستال ميث الأكثر خطورة في الادمان تعددت أنواع المواد المخدرة ذات الأصل النباتي، ولكن خلال السنوات الخمس الأخيرة ظهر مخدر جديد في عدد من محافظات صعيد مصر والدلتا، بأسماء متعددة، أحياناً يطلقون عليه “الشبو”، وأحياناً “الكريستال”، و”الآيس”، ومخدر أبناء الأكابر، ولكن هذا المخدر تفوق خطورته جميع أصناف المواد المخدرة، بما في ذلك الهيروين، كما يرتبط تعاطي هذا المخدر بجرائم اغتصاب وقتل وانتحار، طبقاً لمحاضر رسمية مصرية.
طبيعة الكريستال ميث او الشبو
وطبيعة تركيبة هذا المخدر، يقول محمد القليوبي، الطبيب المتخصص في علاج الإدمان، إن مخدر (الكريستال) المعروف بـ (الشبو) هو مخدر كيميائي من أصل غير نباتي، وكان أول من أجرى تجارب على المادة ونشاطها الدوائي الياباني ناغايوشي ناغي عام 1893، ويتم استخلاصه من مادة (الأمفيتامين) الكيميائية، وازدهر استخدام المخدر بشكل كبير خلال الحرب العالمية الثانية، عندما طلبت ألمانيا النازية من عملائها إنتاج منشط بكميات كبيرة، من أجل تحسين أداء الجنود والجيوش في الحروب بطريقة تسمح لهم بهزيمة الأعداء.
وعرف آنذاك “الكريستال” باسم “المنشط النازي”، بعدها ظهر كمنشط يتناوله بعض الرياضيين الخارجين عن القانون لتعزيز نشاطهم، إلى أن جرى حظر تداوله عالمياً بعد أبحاث دقيقة أفادت بأنه يدمر الجهاز العصبي.
إن خطورة الكريستال ميث “الشبو” تتجاوز كل المواد المخدرة، لأنها تدمر جميع أجهزة جسم الإنسان، وخاصة الخلايا العصبية، ومع بداية الإستخدام من قبل الشباب، يشعرون بإحساس بالنشوة والسعادة، ولكن سرعان ما قد لا تدوم سعادة البداية القاتلة حيث تعرض المتعاطي لسلوك عدواني جداً تجاه الجميع وحتى تجاه نفسه، نتيجة الهلوسة السمعية والبصرية، وفقدان الوزن، سقوط الأسنان، وارتفاع معدل ضربات القلب، والتدمير المستمر للخلايا العصبية.
الكريستال ميث الأكثر خطورة سهل التحضير
المخدر سهل التحضير داخل المعامل الكيميائية، وبالرغم من ذلك فهو يحتاج إلى معامل متكاملة ومتخصصة لإنتاجه، لذلك يصل سعر كيلو جرام منه إلى مليون جنيه مصري (حوالي 64 ألف دولار)، بينما يبلغ سعر الجرام الواحد من 1000 إلى 1500 جنيه (حوالي 100 دولار).
كما أن مخدر الكريستال ميث “الشبو” يتنشر تصنيعه بدول شرق آسيا، وبالأخص الفيليبين، وتايلاند.
نفى بعض الاطباء الاعتقاد السائد بين متعاطي المخدرات بعدم ظهور المخدر من خلال الفحص الطبي، حيث قال: “هذا اعتقاد غير خاطئ، ومتداول بشكل كبير، لكن الحقيقة أن مدة بقاء مخدر الكريستال ميث (الشبو) في الدم في حالة التعاطي تبلغ 12 ساعة، وفي حالة الإدمان يبقى في الدم من يوم إلى ثلاثة أيام، ولكن يظل أثره في البول من أسبوع وشهر كامل لدى المدمنين”.
كيف دخل مخدر الكريستال ميث الى مصر
وفي سياق متصل، كشف اللواء السابق عبد المنعم المحمدي ، المتخصص في مكافحة المخدرات، عن دخول أول مخدر “الشبو ” إلى مصر بإشراف إدارة مكافحة المخدرات بالتنسيق مع شرطة الميناء، بعد ثورة 25 يناير، من خلال بعض العمال المصريين في عدة دول في المنطقة، بسبب انتشار الوافدين الآسيويين من الفلبين وتايلاند والصين في بعض الدول العربية، ومن خلال علاقات العمل المصرية معهم قاموا بإحضار هذا المخدر إلى مصر.
وأشار المحمدي إلى أن الكريستال ميث “الشبو” يشبه عطر “الشبة” الذي يستخدم في أغراض مختلفة في أغلب المنازل المصرية.
وأوضح أن المناطق التي ينتشر فيها العقار أكثر هي نواحي وسط وجنوب مصر، وخاصة نواحي سوهاج وأسيوط وقانا والدلتا، كما هو الحال في تلك المناطق التي انتشر فيها العمال المصريون في الخارج.
وأضاف أن تجارة مخدر الكريستال ميث “الشبو” تطورت بسرعة بسبب ارتفاع أسعارها في سوق معاملات الأدوية المصرية، وعليه أقام عدد من الخارجين عن القانون عددًا من المصانع الصغيرة لتصنيع الدواء في مصر للترويج له في المحافظات والمناطق مشيرين إلى أن هذه المصانع كانت بسبب نجاح الأجهزة، والرغبة في التضييق على هذا النوع من المخدرات في الموانئ الجوية والبحرية والبرية.
تمكنت شرطة مكافحة المخدرات من ضبط أول مصنع لتصنيع عقار “كريستال ميث” بمنطقة الدقي بمحافظة الجيزة في مصر غرام واحد من دواء الكريستال السائل، و300 جرام من القنب، و500 جرام من مختلف أنواع الأدوية والأدوية، وقدرت قيمة الأدوية المصادرة بنحو 40 مليون جنيه مصري (حوالي 640 ألف دولار)، والتي كانت في طريقها لإبادة الشباب المصري في النواحي.
جرائم بشعة لمتعاطي الكريستال ميث او الشبو
عدد من الجرائم البارزة التي سجلتها الأجهزة الأمنية لمتعاطي المخدرات “الكريستال”، لعل أبرزها شهدتها قرية العضاضية وسط أبو تشت شمال محافظ قنا جنوب مصر، في مارس عام 2020، عندما أطلق شاب في الثلاثينيات من عمره سلسلة من الرصاص على إخوته الثلاثة في المنزل، وتعرف القضية في الإعلام باسم مذبحة الأشقاء.
وبحسب تحقيق التحقيقات الجنائية، فإن المتعاطي يعاني من هلوسة سمعية وبصرية وهياج عصبي مستمر، نتيجة إدمانه على مخدر الكريستال ميث “الشبو” لمدة 6 أشهر، والذي كان يستقبله عدد من العاملين بالخارج.
في يناير 2017، انتحر مواطن يبلغ من العمر أربعين عامًا بمديرية البلينا جنوب محافظة سوهاج في صعيد مصر، وكشفت التحقيقات أن المنتحر كان أحد مستخدمي مخدر الكريستال ميث او الشبو، وأنفق ثروته على شراء العقار في عامين، وعانى من هياج عصبي مستمر نتيجة أعراض الانسحاب فقرر الانتحار.
كيفية التعافي من مخدر الكريستال ميث الأكثر خطورة
حالات مأساوية تترك ظلالها على متعاطي الكريستال ميث او الشبو غالبًا ما يرفض الآباء الحديث عن إدمان أبنائهم خوفًا من رأي المجتمع بهم، ويصفونهم بأنهم “عار” الإدمان.
وبصعوبة قال محمد الميناوي والد أحد ضحايا الكريستال ميث الذين تصادف وجوده: لم يعد هناك شيئاً أخافه، عرفنا إدمان ابني بالصدفة، وحاولنا علاجه بشكل متكرر لكن سرعان ما دمر عقار الكريستال ميث حياته بعد أن أصيب بحالة من الاكتئاب، “إثارة عصبية حادة وعنيفة” تركت أثرها على الجميع، حتى مات من جرعة زائدة بعد ثلاث سنوات في رحلة بائسة مع الإدمان على الرغم من محاولته الحصول على العلاج”.
هل هناك علاج من ادمان الكريستال ميث
يوضح الأطباء أن علاج ادمان الكريستال ميث يتطلب مجهوداً مكثفاً، يفوق جهود دعم مدمني المواد المخدرة الأخرى، مشيراً إلى أن عملية العلاج لا بد أن تجري داخل مستشفى متخصصة في علاج الادمان لاستحالة العلاج في المنزل، نظراً إلى حالة الهياج العصبي الشديدة التي تصيب المرضى بسبب الأعراض الانسحابية، والتي قد تتسبب في انتحار المتعاطي.
ويضاف الى ذلك أن علاج مدمن الكريستال ميث يستغرق من 6 إلى 12 شهراً، حيث يتضمن العلاج ثلاث مراحل أساسية، وهي: مرحلة سحب السموم من الجسم، وهي الأصعب، والتي يصاحبها أعراض انسحابية حادة متمثلة الاكتئاب والهياج العصبي، وزيادة نبضات القلب، وارتعاش الأطراف، وفقدان النطق، ومن ثم تأتي بعد ذلك مرحلة العلاج النفسي والتغيير السلوكي التي تهدف إلى البحث عن الأسباب النفسية التي دفعت المريض إلى الإدمان وعلاجها عبر برامج علاج نفسي فردي وجماعي، لإحداث تغيير شامل في السلوكيات العامة، وتأتي بعد ذلك مرحلة التأهيل الاجتماعي وتجنب الانتكاسة التي تهدف إلى عودة المتعافي للحياة الطبيعية من دون انتكاسات.
الحلول الأمنية لا تكفي وحدها
من جهته، أشار اللواء أديل عبد العظيم، مساعد وزير الداخلية السابق لقطاعي وسط وجنوب الصعيد، إلى أن الحلول الأمنية وحدها لمواجهة أزمة الإدمان لا تكفي، لذلك من الضروري توعية الشباب المصري والعربي حول تداعيات الإدمان وخطورة التعاطي في تدمير الفرد والمجتمع والأسرة.
وأضاف أن الكثير من الشباب يخوضون تجربة التعاطي من المغامرة، وينتقلون من تجربة التعاطي إلى عالم الجريمة لشراء المخدرات، حتى أن بعض الشباب يرددون القول الشائع “المخدرات للرجالة” الأمر الذي يوضح مدى الأمية الاجتماعية بين الشباب فيما يتعلق بخطر المواد المخدرة.
وطالب عبد العظيم وزارات التربية والصحة والسكان بتكثيف الندوات وورش العمل حول مخاطر الإدمان لأن المجتمعات لا تتغير دون تغيير قناعاتها.